ورقة حول الآليـات الاقتصاديـة محور استراتيجي لتنفيذ سياسة حماية البيئة

تعتزم كتابة الدولة المكلفة بالماء والبيئة تنويع عناصر سياستها البيئة أخذا بعين الاعتبار التوافق بين المقاربتين الاقتصادية والقانونية، وكذا وضع إستراتيجية بيئة القرب من أجل الحفاظ على البيئة واستصلاح جودتها على المستويين الجهوي والمحلي.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد، أن الآليات القانونية والتنظيمية قد احتلت مكانة كبرى في السياسة البيئية الوطنية. بيد أن هذه المقاربة القانونية لا يمكنها وحدها مواجهة الأضرار البيئية، وبالتالي أصبح من الضروري مصاحبتها بمقاربة اقتصادية.
ولهذا، تم التوجه صوب آليات اقتصادية تهدف إلى حث الفاعلين الاقتصاديين على تبني سلوك أكثر احتراما للبيئة، مع خلق ظروف ملائمة من الناحية الاقتصادية لإنجاحها.
فعلى المستوى الدولي، قامت عدة دول نذكر منها على الخصوص دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ودول حوض البحر الأبيض المتوسط، باعتماد هذه الآليات الاقتصادية من أجل تحقيق أهدافها البيئية، وذلك بإقرار ضرائب وإتاوات تتوخى حماية البيئة.
وتعتبر نتائج التجربة الدولية في هذا المجال جد مشجعة، حيث أن مداخيل الضرائب البيئية في بلدان المنظمة السالفة الذكر تمثل %7 من مداخيل الضرائب الإجمالية وتختلف هذه المداخيل من بلد إلى آخر.
على المستوى الوطني، أظهر تشخيص الوضع الحالي للنظام الضريبي بالمغرب بالنسبة لقدرته على المساهمة في تغيير سلوكيات الفاعلين الاقتصاديين من أجل حماية البيئة، أن النظام الضريبي الوطني له هدف مالي محض، بحيث يتضمن القليل من الضرائب التي تساهم في توجيه السلوكيات بشأن المحافظة على البيئة.
وتجدر الإشارة أنه قد بذلت مجهودات بشأن اعتماد الآليات الاقتصادية في خدمة البيئة. وهكذا، فقد تم إنشاء صندوق محاربة التلوث الصناعي (FODEP)، من أجل تشجيع التأهيل البيئي للقطاع الصناعي والصناعة التقليدية، وأيضا تم خلق الصندوق الوطني لحماية واستصلاح البيئة (FNE) الذي عهد إليه القيام بدور كبير في هذا المجال.
إلا أنه ونظرا لضعف الميزانية المرصودة لهما، تبقى هذه الآليات جد ضعيفة، ويجب تعزيزها من أجل الحصول على موارد مالية إضافية، بهدف التخفيض من النفقات المخصصة من ميزانية الدولة لهذا المجال.
ووعيا منها بأهمية هذه الآليات لحماية البيئة والتخفيض من النفقات العمومية المخصصة لذلك، تقترح الحكومة وضع عددا من الآليات الاقتصادية وبالخصوص الجبايات البيئية. ومن بين الميادين المقترحة لوضع هذه الضرائب البيئية نذكر: النفايات؛ الماء؛ الساحل.
ولهذا الغرض، فإن الدورة السادسة للمجلس الوطني للبيئة، التي انعقدت يوم 11 ماي 2009 بمركز الاستقبال والندوات بالرباط في موضوع "الآليات المؤسساتية والقانونية والمالية من أجل تدبير فعال للبيئة"، شكلت الإطار المناسب لإعطاء الانطلاقة لحوار جاد حول مختلف الفرص المتاحة في هذا المجال وكذا نوعية الآليات التي يجب اعتمادها وخاصة منها الآليات الاقتصادية للمحافظة على بيئتنا بأقل تكلفة، حيث تبقى هذه الآليات من أنجع الوسائل المعتمدة للحفاظ على البيئة لقدرتها على ادماج تكلفة التدهور البيئي ضمن تكلفة الإنتاج.

[center]